وجاءت عيون علي عليه السلام فأخبروه بما كان، فقال لأصحابه: ما ترون فيما هاهنا؟ فقال بعضهم: نرى كذا، وقال بعضهم: نرى كذا، فلما زاد الاختلاف، قال علي عليه السلام:
اغدوا إلى القتال فغاداهم إلى القتال، فانهزمت صفوف الشام من بين يديه ذلك اليوم، حتى فر عتبة بن أبي سفيان عشرين فرسخا عن موضع المعركة فقال النجاشي فيه من قصيدة أولها: لقد أمعنت يا عتب الفرارا * وأورثك الوغى خزيا وعارا فلا يحمد خصاك سوى طمر * إذا أجريته انهمر انهمارا وقال كعب بن جعيل - وهو شاعر أهل الشام - بعد رفع المصاحف، يذكر أيام صفين ويحرض معاوية:
معاوي لا تنهض بغير وثيقة * فإنك بعد اليوم بالذل عارف تركتم عبيد الله بالقاع مسندا * يمج نجيعا والعروق نوازف ألا إنما تبكي العيون لفارس * بصفين أجلت خيله وهو واقف ينوء وتعلوه شآبيب من دم * كما لاح في جيب القميص اللفائف (1) تبدل من أسماء أسياف وائل * وأي فتى لو أخطأته المتالف!
ألا إن شر الناس في الناس كلهم * بنو أسد، إني بما قلت عارف وفرت تميم سعدها وربابها * وخالفت الجعراء فيمن يخالف (2) وقد صبرت حول ابن عم محمد * على الموت شهباء المناكب شارف فما برحوا حتى رأى الله صبرهم * وحتى أتيحت بالأكف المصاحف