ومنها في ذكر بنى أمية: " يظهر أهل باطلها على أهل حقها، حتى تملأ الأرض عدوانا وظلما وبدعا إلى أن يضع الله عز وجل جبروتها، ويكسر عمدها، وينزع أوتادها.
ألا وإنكم مدركوها فانصروا قوما كانوا أصحاب رايات بدر وحنين، تؤجروا، ولا تمالئوا عليهم عدوهم، فتصرعكم البلية، وتحل بكم النقمة ".
ومنها: " إلا مثل انتصار العبد من مولاه إذا رآه أطاعه، وإن توارى عنه شتمه. وأيم الله لو فرقوكم تحت كل حجر، لجمعكم الله لشر يوم لهم ".
ومنها: " فانظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرجن الله الفتنة برجل منا أهل البيت "، بأبي ابن خيرة الإماء، لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا، موضوعا على عاتقه ثمانية أشهر، حتى تقول قريش: لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه الله ببني أمية حتى يجعلهم حطاما ورفاتا، ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا. سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا.
فإن قيل: لماذا قال: " ولو لم أك فيكم لما قوتل أهل الجمل وأهل النهروان "، ولم يذكر صفين؟ قيل لان الشبهة كانت في أهل الجمل وأهل النهروان ظاهرة الالتباس، لان الزبير وطلحة موعودان بالجنة، وعائشة موعودة أن تكون زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله في الآخرة، كما هي زوجته في الدنيا، وحال طلحة والزبير في السبق والجهاد والهجرة معلومة، وحال عائشة في محبة الرسول صلى الله عليه وآله لها وثنائه عليها ونزول القرآن فيها معلومة، وأما أهل النهروان فكانوا أهل قرآن وعبادة واجتهاد، وعزوف عن الدنيا وإقبال على أمور الآخرة، وهم كانوا قراء أهل العراق وزهادها، وأما معاوية فكان فاسقا، مشهورا بقلة الدين والانحراف عن الاسلام، وكذلك ناصره ومظاهره على أمره عمرو بن العاص، ومن أتبعهما من طغام أهل الشام وأجلافهم وجهال الاعراب، فلم يكن أمرهم خافيا في جواز محاربتهم واستحلال قتالهم، بخلاف حال من تقدم ذكره.