البلاغة " بالكسر في أكثر الروايات، وقد روى: " من موتة " وهو الأليق، يعنى المرة الواحدة، ليقع في مقابلة الألف.
* * * واعلم أنه عليه السلام أقسم أن القتل أهون من الموت حتف الانف، وذلك على مقتضى ما منحه الله تعالى من الشجاعة الخارقة لعادة البشر، وهو عليه السلام يحاول أن يحض أصحابه، ويحرضهم ليجعل طباعهم مناسبة لطباعه، وإقدامهم على الحرب مماثلا لاقدامه، على عادة الامراء في تحريض جندهم وعسكرهم وهيهات! إنما هو كما قال أبو الطيب:
يكلف سيف الدولة الجيش همه * وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم (1) ويطلب عند الناس ما عند نفسه * وذلك ما لا تدعيه الضراغم ليست النفوس كلها من جوهر واحد، ولا الطباع والأمزجة كلها من نوع واحد، وهذه خاصية توجد لمن يصطفيه الله تعالى من عباده، في الأوقات المتطاولة، والدهور المتباعدة، وما اتصل بنا نحن من بعد الطوفان، فإن التواريخ من قبل الطوفان مجهولة، عندنا إن أحدا أعطى من الشجاعة والاقدام ما أعطيه هذا الرجل من جميع فرق العالم على اختلافها، من الترك والفرس والعرب والروم وغيرهم، والمعلوم من حاله أنه كان يؤثر الحرب على السلم، والموت على الحياة، والموت الذي كان يطلبه ويؤثره، إنما هو القتل بالسيف، لا الموت على الفراش، كما قال الشاعر:
لو لم يمت بين أطراف الرماح إذا * لمات إذ لم يمت من شدة الحزن