الأصل:
لم يستضيئوا بأضواء الحكمة، ولم يقدحوا بزناد العلوم الثاقبة، فهم في ذلك كالأنعام السائمة، والصخور القاسية، قد انجابت السرائر لأهل البصائر، ووضحت محجة الحق لخابطها، وأسفرت الساعة عن وجهها، وظهرت العلامة لمتوسمها.
ما لي أراكم أشباحا بلا أرواح، وأرواحا بلا أشباح، ونساكا بلا صلاح، وتجارا بلا أرباح، أيقاظا نوما، وشهودا غيبا، وناظرة عمياء، وسامعة صماء، وناطقة بكماء!
* * * الشرح:
انجابت: انكشفت. والمحجة: الطريق. والخابط: السائر على غير سبيل واضحة.
وأسفرت الساعة: أضاءت وأشرقت، وعن متعلقة بمحذوف، وتقديره: كاشفة عن وجهها.
والمتوسم: المتفرس. أشباحا بلا أرواح، أي أشخاصا لا أرواح لها ولا عقول، وأرواحا بلا أشباح، يمكن أن يريد به الخفة والطيش، تشبيها بروح بلا جسد. ويمكن أن يعنى به نقصهم، لان الروح غير ذات الجسد ناقصة عن الاعتمال، والتحريك اللذين كانا من فعلها حيث كانت تدير الجسد.
ونساكا بلا صلاح، نسبهم إلى النفاق. وتجارا بلا أرباح، نسبهم إلى الرياء وإيقاع الأعمال على غير وجهها.
ثم وصفهم بالأمور المتضادة ظاهرا، وهي مجتمعة في الحقيقة، فقال: أيقاظا نوما،