رباني أي متأله عارف بالرب سبحانه. وفي وصف الحسن لأمير المؤمنين عليه السلام " كان والله رباني هذه الأمة وذا فضلها، وذا قرابتها، وذا سابقتها ".
ثم قال: وأحضروه قلوبكم، أي اجعلوا قلوبكم حاضرة عنده، أي لا تقنعوا لأنفسكم بحضور الأجساد وغيبة القلوب، فإنكم لا تنتفعون بذلك. وهتف بكم: صاح، والرائد:
الذي يتقدم المنتجعين لينظر لهم الماء والكلأ. وفي المثل: الرائد لا يكذب أهله.
وقوله: " وليجمع شمله "، أي وليجمع عزائمه وأفكاره لينظر، فقد فلق هذا الرباني لكم الامر، أي شق ما كان مبهما، وفتح ما كان مغلقا، كما تفلق الخرزة فيعرف باطنها.
وقرفه، أي قشره، كما تقشر الصمغة عن عود الشجرة، وتقلع.
* * * الأصل:
فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه، وركب الجهل مراكبه، وعظمت الطاغية، وقلت الداعية، وصال الدهر صيال السبع العقور، وهدر فنيق الباطل بعد كظوم، وتواخي الناس على الفجور، وتهاجروا على الدين، وتحابوا على الكذب، وتباغضوا على الصدق. فإذا كان ذلك كان الولد غيظا، والمطر قيظا، وتفيض اللئام فيضا، وتغيض الكرام، غيضا وكان أهل ذلك الزمان ذئابا، وسلاطينه سباعا، وأوساطه أكالا، وفقراؤه أمواتا، وغار الصدق، وفاض الكذب، واستعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب، وصار الفسوق نسبا، والعفاف عجبا، ولبس الاسلام لبس الفرو مقلوبا.
* * *