ومن التقسيمات الفاسدة في الشعر قول البحتري:
ذاك وادي الأراك فاحبس قليلا * مقصر في ملامة أو مطيلا (1) قف مشوقا، أو مسعدا، أو حزينا * أو معينا، أو عاذرا، أو عذولا فالتقسيم في البيت الأول صحيح، وفي الثاني غير صحيح، لان المشوق يكون حزينا، والمسعد يكون معينا، فكذلك يكون عاذرا، ويكون مشوقا، ويكون حزينا.
وقد وقع المتنبي في مثل، ذلك، فقال:
فافخر، فإن الناس فيك ثلاثة * مستعظم أو حاسد أو جاهل (2) فان المستعظم يكون حاسدا، والحاسد يكون مستعظما.
ومن الأبيات التي ليس تقسيمها بصحيح، ما ورد في شعر الحماسة:
وأنت امرؤ إما ائتمنتك خاليا * فخنت، وإما قلت قولا بلا علم (3) فأنت من الامر الذي قد أتيته * بمنزلة بين الخيانة والاثم وذلك لان الخيانة أخص من الاثم، والاثم شامل لها، لأنه أعم منها، فقد دخل أحد القسمين في الآخر. ويمكن أن يعتذر له، فيقال: عنى بالاثم الكذب نفسه، وكذلك هو المعنى أيضا بقوله: " قولا بلا علم "، كأنه قال له: إما أن أكون أفشيت سرى إليك فخنتني، أو لم أفش فكذبت على، فأنت فيما أتيت بين أن تكون خائنا أو كاذبا.
ومما جاء من ذلك في النثر قول بعضهم: " من جريح مضرج بدمائه، أو هارب لا يلتفت إلى ورائه "، وذلك أن الجريح قد يكون هاربا، والهارب قد يكون جريحا.
وقد أجاد البحتري لما قسم هذا المعنى، وقال: