فقد كان من أمرنا ما قد بلغك، وكنا نحن وعدونا على حالين مختلفين، يسرنا منهم أكثر مما يسوءنا، ويسؤهم منا أكثر مما يسرهم، على اشتداد شوكتهم، فقد كان علا أمرهم حتى ارتاعت له الفتاة، ونوم به الرضيع، فانتهزت الفرصة منهم في وقت إمكانها، وأدنيت السواد من (1) السواد، حتى تعارفت الوجوه، فلم نزل كذلك حتى بلغ الكتاب أجله، فقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين.
فكتب إليه الحجاج:
أما بعد، فقد فعل الله بالمسلمين خيرا، وأراحهم من بأس الجلاد، وثقل الجهاد، ولقد كنت أعلم بما قبلك، فالحمد لله رب العالمين، فإذا ورد عليك كتابي فاقسم في المجاهدين فيئهم، ونفل (2) الناس على قدر بلائهم، وفضل من رأيت تفضيله، وإن كانت بقيت من القوم بقية فخلف خيلا تقوم بإزائهم، واستعمل على كرمان من رأيت، وول الخيل شهما من ولدك، ولا ترخص لأحد في اللحاق بمنزله دون أن تقدم بهم على، وعجل القدوم إن شاء الله.
فولى المهلب يزيد ابنه كرمان، وقال له: يا بنى، إنك اليوم لست كما كنت، إنما لك من كرمان ما فضل عن الحجاج، ولن تحتمل إلا على ما احتمل عليه أبوك، فأحسن إلى من تبعك، وإن أنكرت من إنسان شيئا فوجه إلى، وتفضل على قومك، [إن شاء الله] (3)