قال: والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ إلى أبي سفيان بن الحارث، وهو مقنع بالحديد، وهو آخذ بثغر بغلة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من هذا؟ قال: ابن أمك يا رسول الله! ويقال، إنه قال: أخوك، فداك أبي وأمي، أبو سفيان بن الحارث. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم أخي، ناولني حصى من الأرض، فناوله، فرمى بها في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه! فمرت كأنها عنانة، فدخلت في أعينهم كلهم فانهزموا.
وذكر ابن عبد البر بإسناده عن عائشة رضي الله عنها، قالت: مر علينا أبو سفيان بن الحارث، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلمي يا عائشة، حتى أريك ابن عمي الشاعر الذي كان يهجوني، أول من يدخل المسجد وآخر من يخرج منه، لا يجاوز طرفه شراك نعله.
وروي أنه كان لا يرفع رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم حياء منه. وقال عند موته: لا تبكوا علي، فما تنطفت بخطيئة منذ أسلمت. وبكى على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ورثاه، فقال:
أرقت وبات ليلي لا يزول * وليل أخي المصيبة فيه طول وأسعدني البكاء وذاك فيما * أصيب المسلمون به قليل