قال أبو سفيان: فقلت: من أصحب ومع من أكون؟ قد ضرب الإسلام بجرانه. فجئت زوجتي وولدي فقلت: تهيئوا للخروج فقد أظل قدوم محمد. قالوا: قد آن لك أن تبصر أن العرب والعجم قد تبعت محمدا، وأنت موضع في عداوته، وكنت أولى الناس بنصره.
فقلت لغلامي مذكور: عجل بأبعرة وفرس. قال: ثم سرنا حتى نزلنا " الأبواء " وقد نزلت مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم " الأبواء ".
فتنكرت وخفت أن أقتل. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نذر دمي.
فخرجت على قدمي نحوا من ميل، وأقبل الناس رسلا رسلا فتنحيت فرقا من أصحابه، فلما طلع في موكبه تصديت له تلقاء وجهه، فلما ملأ عينيه مني اعرض عني بوجهه إلى الناحية الأخرى، فتحولت إلى ناحية وجهه الأخرى، فأعرض عني مرارا، فأخذني ما قرب وما بعد; وقلت: أنا مقتول قبل أن أصل إليه! وأتذكر بره ورحمه فيمسك ذلك مني، وقد كنت لا أشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سيفرحون بإسلامي فرحا شديدا لقرابتي برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى المسلمون إعراض رسول الله صلى الله عليه وسلم عني أعرضوا عني جميعا،