الباطنة، لأن المراد بالباطنة ما في نفس الأمر، وهذا هو المستور، والمختار قبوله، وبه قطع سليم الرازي. قال ابن الصلاح: ويشبه أن يكون عليه العمل في كثير من كتب الحديث المشهورة فيمن تقادم العهد بهم، وتعذرت الخبرة الباطنة لهم.
وقال مثله السخاوي أيضا في " شرح الألفية " 1؟ 321 و 323 و 347.
وفوق ما تقدم من أقوال الأئمة التي تعزز رأي ابن حبان في توثيق المستور، فإن التوثيق الذي أخذ به ابن حبان في " صحيحه " هذا أقوى بكثير من توثيقه في كتابه " الثقات "، ويتبين ذلك من مقدمته التي تبين كيف كان يجتهد في توثيق الرواة أو تضعيفهم، ويزاحم الكبار في ذلك، ويعتمد الحجة في الرد على من يخالفه، كما فعل في نقاشه مع حافظ الزمان الإمام البخاري مما سيرد في المقدمة، ولئن كان في كتابه " الثقات " ينفرد بتوثيق المجاهيل، فإنه في " صحيحه " هذا قد وافق الجمهور في أكثر من تسعين بالمئة من توثيقه، وهنا تكمن أهمية هذا الكتاب، إذ تبين من دراسة أسانيده أن الكثرة الغالبة منها إنما هي على شرط الشيخين، علاوة على أن الشيوخ - الواحد والعشرين - الذين عول عليهم أكثر من غيرهم وأدار عليهم رواية السنن، هم من أثبت الشيوخ وأتقنهم، كما يعلم من تراجمهم الموجزة التي عرضتها في بحث " شيوخه "، وهذا ما جعل هذا الكتاب يتبوأ منزلة رفيعة بين كتب الصحاح، إذ جمع من الأحاديث ما كان في أعلى درجات الصحة.
منزلته بين الصحاح:
إن الشروط التي التزمها المؤلف ووفى بها، جعلت الأئمة يحكمون بها الحديث بالصحة، لمجرد روايته في " صحيحه "، فقال ابن الصلاح (1): ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه، ككتاب