وأما المختلطون في أواخر أعمارهم مثل الجريري وسعيد بن أبي عروبة وأشبههما فإنا نروي عنهم في كتابنا هذا ونحتج بما رووا إلا إنا لا نعتمد من حديثهم إلا ما روى عنهم الثقات من القدماء الذين نعلم أنهم سمعوا منهم قبل اختلاطهم وما وافقوا الثقات في الروايات التي لا نشك في صحتها وثبوتها من جهة أخرى لأن حكمهم وإن اختلطوا في أواخر أعمارهم وحمل عنهم في اختلاطهم بعد تقدم عدالتهم حكم الثقة إذا أخطأ أن الواجب ترك خطئه إذا علم والاحتجاج بما نعلم أنه لم يخطئ فيه وكذلك حكم هؤلاء الاحتجاج بهم فيما وافقوا الثقات وما انفردوا مما روى عنهم القدماء من الثقات الذين كان سمعه منهم قبل الاختلاط سواء وأما المدلسون الذين هم ثقات وعدول فإنا لا نحتج بأخبارهم إلا ما بينوا السماع فيما رووا مثل الثوري والأعمش وأبي إسحاق وأضرابهم من الأئمة المتقين وأهل الورع في الدين لنا متى قبلنا خبر مدلس لم يبين السماع فيه وإن كان ثقة لزمنا قبول المقاطيع والمراسيل كلها لأنه لا يدري لعل هذا المدلس دلس هذا الخبر عن ضعيف يهي الخبر بذكره إذا عرف اللهم إلا أن يكون المدلس يعلم أنه ما دلس قط إلا عن ثقة فإذا كان كذلك قبلت روايته وإن لم يبين السماع وهذا ليس في الدنيا إلا سفيان بن عيينة وحده فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وجد الخبر بعينه قد بين سماعه عن ثقة نفسه والحكم في قبول روايته لهذه العلة وإن لم يبين السماع فيها كالحكم في رواية بن عباس إذا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يسمع منه وإنما قبلنا أخبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رووها عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يبينوا السماع في كل ما رووا وبيقين نعلم أن أحدهم ربما سمع الخبر عن
(١٦١)