ولكن بعضهم - مع هذا - نسب ابن حبان إلى التساهل، فقال:
وهو واسع الخطو في باب التوثيق، يوثق كثيرا ممن يستحق الجرح (1)، وقد أجاب اللكنوي عن هذا، فقال (2): وهو قول ضعيف، فإنك قد عرفت أن ابن حبان معدود ممن له تعنت وإسراف في جرح الرجال، ومن هذا حاله لا يمكن أن يكون متساهلا في تعديل الرجال، وإنما يقع التعارض كثيرا بين توثيقه وبين جرح غيره، لكفاية ما لا يكفي في التوثيق عند غيره عنده.
وقد نقل السخاوي في " فتح المغيث " 1 / 36 أن ابن حجر نازع في نسبة ابن حبان إلى التساهل، فقال: إن كانت (أي نسبة التساهل) باعتبار وجدان الحسن في كتابه، فهو مشاحة في الاصطلاح، لأنه يسميه صحيحا، وإن كانت باعتبار خفة شروطه فإنه يخرج في الصحيح ما كان راويه ثقة غير مدلس، سمع ممن فوقه، وسمع منه الآخذ عنه، ولا يكون هناك انقطاع ولا إرسال (3)، وإذا لم يكن في الراوي المجهول الحال جرح ولا تعديل، وكان كل من شيخه والراوي عنه ثقة، ولم يأت بحديث منكر، فهو ثقة عنده، وفي كتاب " الثقات " له كثير ممن هذا حاله، ولأجل هذا ربما اعترض عليه في جعلهم ثقات من لم يعرف اصطلاحه، ولا اعتراض عليه، فإنه لا يشاح في ذلك.
وقال السيوطي في " تدريب الراوي " 1 / 108 تحت قول النووي: ويقاربه (أي صحيح الحاكم) في حكمه صحيح أبي حاتم ابن حبان: قيل: ما ذكر من تساهل ابن حبان ليس بصحيح، فإن غايته أنه يسمي الحسن صحيحا، ثم نقل السيوطي نحو قول ابن حجر السالف.