بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الله تعالى وفق للسنة المطهرة حفاظا عارفين، وجهابذة عالمين، وصيارفة ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فتنوعوا في تصنيفها، وتفننوا في تدوينها، على أنحاء كثيرة، وضروب عديدة، حرصا على حفظها، وخوفا من إضاعتها.
وكان من أحسنها تصنيفا، وأجودها تأليفا، وأكثرها صوابا، وأقلها خطأ، وأعمها نفعا، وأعودها فائدة، وأعظمها بركة، وأيسرها مؤونة، وأحسنها قبولا عند الموافق والمخالف، وأجلها موقعا عند الخاصة والعامة، " صحيح " أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ثم " صحيح " أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري (1) وما هذه المنزلة الرفيعة التي تبوأها هذان الكتابان إلا لاقتصارهما على الصحيح دون سواه، غير أنهما لم يستوعبا الصحيح من الآثار، ولا التزما ذلك أصلا، فابن الصلاح يروي عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتابي " الجامع " إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول (2). وقال: أحفظ مئة ألف حديث صحيح. وجملة ما