أو 329، فقال لي أبو حاتم سهل بن السري الحافظ: لا تكتب عنه، فإنه كذاب، وقد صنف لأبي الطيب المصعبي كتابا في القرامطة، حتى قلده قضاء سمرقند، فلما أخبر أهل سمرقند بذلك أرادوا أن يقتلوه، فهرب، ودخل بخارى، وأقام دلالا في البزازين، حتى اشترى له ثيابا بخمسة آلاف درهم إلى شهرين، وهرب في الليل، وذهب بأموال الناس، ويذكر أبو عبد الله الحاكم أن السليماني هذا سأله: كتبت عن أبي حاتم البستي؟ فقلت: نعم، فقال: إياك أن تروي عنه، فإنه جاءني، فكتب مصنفاتي، وروى عن مشايخي، ثم إنه خرج إلى سجستان بكتابه في القرامطة إلى ابن بابويه حتى قبله، وقلده أعمال سجستان، فمات به. قال السليماني: فرأيت وجهه وجه الكذابين، وكلامه كلام الكذابين (1).
وطعن السليماني هذا مردود غير مسموع، لأنه شاذ مخالف لأقوال جمهور الأئمة، ثم إن السليماني على جلالة قدره قد عرف عنه طعنه لعدد من العلماء الثقات لم يكن ابن حبان عنده أحسن حالا منهم، فقد قال الذهبي في ترجمته:
رأيت للسليماني كتابا فيه حط على كبار، فلا يسمع منه ما شذ فيه. وليس من شأن ما هو شاذ أن يثبت أمام الحقائق الساطعة، فهي التي تمكث في الأرض، ويذهب الزبد جفاء، فقد ظل ابن حبان متألقا في حياته، بل وبعد وفاته، حتى إن الناس كانوا يزورون قبره رغم أنف الحاسدين.
نشره للعلم:
تكاثر عليه الطلبة للأخذ عنه والإفادة منه، ولتحصيل الأسانيد العالية قصده الطلبة من الآفاق، قال الحاكم: " وكانت الرحلة إليه لسماع كتبه " (2)، وكان يقرئ ويعلم في كل بلد يحل فيه، قال أبو سعد الإدريسي: وفقه الناس