الفتنة ووقعة الجمل - سيف بن عمر الضبي - الصفحة ٢٢
إليه أن يقاتل، ولكن تصرفاتهم لم تتأثر برغباتهم. طلب منهم عدم القتال فلم يقاتلوا، ولو طلب إليهم القتال ربما كانوا استشهدوا جميعا دونه.
قتل عثمان وبقيت الدولة بدون خليفة عدة أيام. أحجم كل من اتصل به الثوار عن قبول القيام بالأمر، وأصبح أمر المدينة بأيدي الرعاع، فكان لا بد لأحد من التضحية والقبول باستلام الأمر. وكان البطل، وكان الضحية، علي كرم الله وجهه.
إن سيرة علي وشخصيته تجعلاننا نجزم بأنه كان يقدر مسبقا المصاعب التي تنتظره والموقف الخطر الذي سيواجهه. ولكنه فهم الحكم على أنه مسؤولية وتضحية، فتقدم... وبايعه الجميع باستثناء نفر بسيط. ولكنه واجه منذ اليوم الأول مشكة صعب حلها، بل لم يكن بيده أو بيده غيره حلها، وهي مشكلة قتلة الخليفة السابق عثمان بن عفان رضي الله عنه. فقد اختلفت وجهات نظر الصحابة في الموضوع فكان لا بد من الخلاف، ولكن كيف أدى الخلاف في وجهات النظر إلى القتال؟
يجب ألا يفوتنا هنا الإشارة إلى أمر قد لا ندركه نحن ولا نقدره حق قدره في عصرنا الحاضر، لاختلافنا عن ذلك الطراز من الرجال. لقد كان المسلمون الأولون على استعداد للموت دفاعا عما يؤمنون به، وربما كانت تلك ميزتهم الكبرى التي فتحوا بها الأقطار وسادوا العالم.
لذلك كان خلافهم عنيفا، فكل واحد منهم يؤمن بأنه على حق، وكلهم على استعداد للجود بأرواحهم لإعلاء كلمة الحق. ولا شك أن الذين كانوا يقيسون الأمور بمقياس الفائدة لا نكاد نجد لهم أثرا، ولمن يشك في ذلك أن يتبصر بقصة استشهاد عمار بن ياسر رضي الله عنه التي سترد مفصلة خلال الكتاب، فما هي الفوائد التي كان سيجنيها عمار، ابن التسعين، لو ربح علي؟.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 ترجمة سيف بن عمر 27
3 حول المصادر وطريقة البحث 29
4 الفتنة (مقتل عثمان بن عفان) 33
5 نفي المخالفين من أهل الكوفة 35
6 نفي المشاغبين من أهل البصرة إلى الشام 42
7 اجتماع الثوار على عثمان 44
8 دعوة عبد الله بن سبأ 48
9 مشاورات عثمان مع ولاته 50
10 المواجهة الأولى سنة 34 ه‍ 54
11 خروج الثوار إلى المدينة عام 35 ه‍ 57
12 ما قاله علي وطلحة والزبير للثوار وتظاهر بالعودة 59
13 مباغتة المدينة 60
14 كتابة عثمان إلى الأمصار 61
15 آخر خطبة لعثمان 64
16 الحصار 65
17 مقتل عثمان 72
18 بعض سير عثمان بن عفان 75
19 آراء متفرقة في تحليل الفتنة 76
20 دفن عثمان 84
21 ولاة الأمصار عند وفاته عثمان 85
22 بعض خطب عثمان 86
23 خلافة علي بن أبي طالب 89
24 الدولة بلا خليفة 91
25 المبايعة لعلي 93
26 مبايعة طلحة والزبير 94
27 أول خطبة لعلي 95
28 مطالب طلحة والزبير 97
29 أخبار عمال علي 99
30 كتابة علي إلى أبي موسى ومعاوية 101
31 وقعة الجمل 105
32 استئذان طلحة والزبير عليا في العمرة 107
33 استنفار أهل المدينة 108
34 وصول الخبر إلى عائشة 111
35 توجه عائشة إلى المدينة وعودتها 112
36 توجه عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة 116
37 موقف عبد الله بن عمر 118
38 خروج علي إلى الربذة يريد البصرة 118
39 الموقف في البصرة 121
40 قتال عائشة وعثمان بن حنيف 126
41 الاتفاق على وقف القتال بين عثمان بن حنيف وعائشة 127
42 عودة القتال وإنتصار عائشة 129
43 مسير علي بن أبي طالب إلى البصرة 134
44 موقف أبي موسى الأشعري 138
45 نزول أمير المؤمنين علي ذا قار 143
46 مساعي الإصلاح 144
47 رؤوس الفتنة يحبطون مساعي الإصلاح 147
48 المعركة 155
49 صفة القتال يوم الجمل 172
50 انزال هودج عائشة 172
51 مقتل الزبير بن العوام 174
52 من انهزم يوم الجمل فاختفى ومضى في البلاد 175
53 دفن القتلى وتوجع علي عليهم 178
54 عدد قتل الجمل 179
55 دخول علي على عائشة ومعاقبته من أساء إليها 179
56 بيعة أهل البصرة عليا وقسمه ما في بيت المال عليهم 181
57 سيرة علي فيمن قاتل يوم الجمل 181
58 خروج عائشة من البصرة إلى مكة 182
59 كتابة علي إلى عاملة بالكوفة 182
60 تجهيز علي عائشة وإرسالها إلى المدينة 183