ابن العاص: إن من له مثل النشاستج لحقيق أن يكون جوادا، والله لو أن لي مثله لأعاشكم الله عيشا رغدا. فقال عبد الرحمن بن خنيس - وهو حدث -:
والله لوددت أن هذا الملطاط لك - يعني ما كان لآل كسرى على جانب الفرات الذي يلي الكوفة - قالوا: فض الله فاك! والله لقد هممنا بك، فقال: خنيس غلام فلا تجاوزه. فقالوا: يتمنى له سوادنا! قال: ويتمنى لكم أضعافه، قالوا: لا يتمنى لنا ولا له، قال: ما هذا بكم! قالوا: أنت والله أمرته بها، فثار إليه الأشتر، وابن ذي الحبكة، وجندب، وصعصعة، وابن الكواء، وكميل بن زياد، وعمير بن ضابيء، فأخذوه، فذهب أبوه ليمنع منه، فضربوهما حتى غشي عليهما، وجعل سعيد يناشدهم ويأبون، حتى قضوا منهما وطرا. فسمعت بذلك بنو أسد، فجاءوا وفيهم طليحة، فأحاطوا بالقصر، وركبت القبائل، فعاذوا بسعيد، وقالوا: أفلتنا وخلصنا.
فخرج سعيد إلى الناس فقال: أيها الناس، قوم تنازعوا وتهاووا، وقد رزق الله العافية ثم قعدوا وعادوا في حديثهم، وتراجعوا، فساءهم وردهم وأفاق الرجلان فقال: أبكما حياة؟ قالا: قتلتنا غاشيتك، قال: لا يغشوني والله أبدا، فاحفظا علي ألسنتكما ولا تجرئا علي الناس. ففعلا. ولما انقطع رجاء أولئك النفر من ذلك، قعدوا في بيوتهم وأقبلوا على الإذاعة حتى لامه أهل الكوفة في أمرهم، فقال: هذا أميركم وقد نهاني أن أحرك شيئا، فمن أراد منكم أن يحرك شيئا فليحركه.
فكتب أشراف أهل الكوفة وصلحاؤهم إلى عثمان في إخراجهم، فكتب إذا اجتمع ملؤكم على ذلك فألحقوهم بمعاوية. فأخرجوهم فذلوا وانقادوا حتى