(وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما أصاب المسلم في الدنيا من مصيبة في نفسه فبذنب، وما يعفو الله عز وجل عنه أكثر، وما أصابه في الدنيا فهو كفارة له وعفو منه لا يعتد عليه فيه عقوبة يوم القيامة، وما عفا الله عز وجل عنه في الدنيا فقد عفا عنه، والله أعظم من أن يعود في عفوه ".
دفن القتلى وتوجع علي عليهم:
وأقام علي بن أبي طالب في عسكره ثلاثة أيام لا يدخل البصرة وندب الناس إلى موتاهم، فخرجوا إليهم فدفنوهم، فطاف علي معهم في القتلى، فلما أتي بكعب بن سور قال: زعمتم أنما خرج معهم السفهاء، وهذا الحبر قد ترون.
وأتى على عبد الرحمن بن عتاب فقال: هذا يعسوب القوم - يقول الذي كانوا يطيفون به - يعني أنهم قد كانوا اجتمعوا عليه، ورضوا به لصلاتهم. وجعل علي كلما مر برجل فيه خير قال: زعم من زعم أنه لم يخرج إلينا إلا الغوغاء، هذا العابد المجتهد. وصلى على قتلاهم من أهل البصرة، وعلى قتلاهم من أهل الكوفة، وصلى على قريش من هؤلاء وهؤلاء، فكانوا مدنيين ومكيين، ودفن علي الأطراف في قبر عظيم، وجمع ما كان في العسكر من شئ، ثم بعث به إلى مسجد البصرة، أن من عرف شيئا فليأخذه، إلا سلاحا كان في الخزائن عليه سمة السلطان، فإنه لما بقي لم يعرف، خذوا ما أجلبوا به عليكم من مال الله عز وجل، لا يحل لمسلم من مال المسلم المتوفي شئ، وإنما كان ذلك السلاح في أيديهم من غير تنفيل من السلطان.