نفي المشاغبين من أهل البصرة إلى الشام:
لما مضى من إمارة ابن عامر [والي عثمان على البصرة] ثلاث سنين بلغه أن في عبد القيس رجلا نازلا على حكيم بن جبلة، وكان حكيم بن جبلة رجلا لصا، إذا قفل الجيوش خنس عنهم، فسعى في أرض فارس، فيغير على أهل الذمة، ويتنكر لهم، ويفسد في الأرض، ويصيب ما شاء ثم يرجع. فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان، فكتب إلى عبد الله بن عامر: أن أحبسه، ومن كان مثله لا يخرجن من البصرة حتى تأنسوا منه رشدا، فحبسه فكان لا يستطيع أن يخرج منها. فلما قدم ابن السوداء نزل عليه، واجتمع إليه نفر إليه فطرح لهم ابن السوداء ولم يصرح، فقبلوا منه، واستعظموه، وأرسل إليه ابن عامر، فسأله: ما أنت؟ فأخبره أنه رجل من أهل الكتاب، رغب في الإسلام، ورغب في جوارك، فقال: ما يبلغني ذلك، اخرج عني، فخرج حتى أتى الكوفة، فأخرج منها، فاستقر بمصر وجعل يكاتبهم ويكاتبونه، ويختلف الرجال بينهم.
[ثم] إن حمران بن أبان تزوج امرأة في عدتها، فنكل به عثمان، و فرق بينهما، وسيره إلى البصرة، فلزم ابن عامر، فتذاكروا يوما الركوب والمرور بعامر بن عبد قيس - وكان منقبضا عن الناس - فقال حمران: ألا أسبقكم فأخبره! فخرج، فدخل عليه وهو يقرأ في المصحف، فقال: الأمير أراد أن يمر بك، فأحببت أن أخبرك، فلم يقطع قراءته ولم يقبل عليه فقام