5 - ومع ذلك فقد ترك الصحابة أولادهم على باب عثمان إظهارا لاستنكارهم الحصار، وترهيبا للثوار، عسى أن يرتدعوا عند ما لا يجدون صحابيا مؤيدا لهم.
6 - إذن فقد حال عثمان دون القتال، وكأني به في أول الأمر مطمئنا إلى أنهم لن يجترئوا عليه. ثم لما أيقن أنهم قاتلوه فكأني به قد أحب الشهادة، خاصة أن روايات متعددة تقول، إنه حلم يوم مقتله أنه سيفطر مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد جاء في إحدى تلك الروايات ثم قال (عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم):
" أما أن القوم سينكرون عليك فإن قاتلتهم ظفرت، وان تركتم أفطرت عندنا ".
و قد كان لعثمان، كما يبدون، مفهوم خاص للخلافة. فهو لم يفهمها تكليفا من المسلمين، إنما فهمها أمرا ألبسه الله إياه. لذلك كان يردد: ما كنت لأخلع قميصا قمصنيه الله عز وجل ".
" لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلى من أن أنزع سربالا سربلنيه الله عز وجل ".
من كل ذلك يتبين أن مواقف الصحابة لا غبار عليها. فقد بقوا لآخر لحظة خاضعين لأوامر الخليفة، المصدر الشرعي للسلطة.
و الخليفة قاد المعركة بالطريقة التي ارتأى فيها خيرا. اجتهد فأخطأ، أو أصاب، لأيهم. المهم أن المواقف لم يدخلها سوء نية كما يحلو للبعض أن يدعي، ممن يجعلون صحابيا متواطئا وآخر محرضا. لا شك أن بعض الصحابة استاء من مواقف عثمان المحرجة، وبعضهم أراده أن يتنازل عن الخلافة وبعضهم رغب