الأمر أمر المسلمين، إلا أن أمراءهم يقسطون بينهم، ويقومون عليهم. واستبطأ الناس عمارا حتى ظنوا أنه قد اغتيل، فلم يفجأهم إلا كتاب من عبد الله بن سعد بن أبي سرح يخبرهم أن عمارا قد استماله قوم بمصر، وقد انقطعوا إليه، منهم عبد الله بن السوداء، وخالد بن ملجم، وسودان بن حمران، وكنانة ابن بشر.
مشاورات عثمان مع ولاته كتب عثمان إلى أهل الأمصار: أما بعد فإني آخذ العمال بموافاتي في كل موسم، وقد سلطت الأمة منذ وليت على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يرفع علي شئ ولا على أحد من عمالي إلا أعطيته، وليس لي ولعيالي حق قبل الرعية إلا متروك لهم، وقد رفع إلى أهل المدينة أن أقواما يشتمون، وآخرون يضربون، فيا من ضرب سرا، وشتم سرا، من ادعى شيئا من ذلك فليواف الموسم، فليأخذ بحقه حيث كان، مني أو من عمالي، أو تصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين.
فلما قرئ في الأمصار، ابكى الناس، ودعوا لعثمان وقالوا: إن الأمة لتمخض بشر، وبعث إلى عمال الأمصار فقدموا عليه: عبد الله بن عامر، ومعاوية، وعبد الله بن سعد، وأدخل معهم في المشورة سعيدا وعمرا، فقال:
ويحكم! ما هذه الشكاية؟ وما هذه الإذاعة؟ إني والله لخائف أن تكونوا مصدوقا عليكم، وما يعصب هذا إلا بي، فقالوا له: ألم تبعث! ألم نرجع إليك الخبر