ذلك الصالحون وعظموا ما قالوا، وقالوا: ما رضيتم أن قتلتم الإمام حتى خرجتم على زوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم، أن أمرتكم بالحق، لتقتلوها وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة المسلمين! فعزموا وعثمان بن حنيف معهم على من أطاعهم من جهال الناس وغوغائهم على زطهم وسيابجهم، فلذنا منهم بطائفة من الفسطاط، فكان ذلك الدأب ستة وعشرين يوما، ندعوهم إلى الحق وألا يحولوا بيننا وبين الحق، فغدروا وخانوا فلم نقايسهم، واحتجوا ببيعة طلحة والزبير، فأبردوا بريدا فجاءهم بالحجة، فلم يعرفوا الحق ولم يصبروا عليه، فغادوني في الغلس ليقتلوني، والذي يحاربهم غيري، فلم يبرحوا حتى بلغوا سدة بيتي ومعهم هاد يهديهم إلي، فوجدوا نفرا على باب بيتي منهم عمير بن مرثد، ومرثد بن قيس، ويزيد بن عبد الله بن مرثد، ونفر من قيس، ونفر من الرباب والأزد، فدارت عليهم الرحى، فأطاف بهم المسلمون فقتلوهم، وجمع الله عز وجل كلمة أهل البصرة على ما أجمع عليه الزبير وطلحة، فإذا قتلنا بثأرنا وسعنا الغدر.
وكانت الوقعة لخمس ليال بقين من ربيع الآخر سنة ست وثلاثين.
وكتب عبيد بن كعب في جمادى. مسير علي بن أبي طالب إلى البصرة:
لما أتى عليا الخبر وهو بالمدينة بأمر عائشة وطلحة والزبير أنهم قد توجهوا نحو العراق، خرج يبادر وهو يرجو أن يدركهم ويردهم، فلما انتهى إلى الربذة [كما مر معنا ص 119] أتاه عنهم أنهم قد أمعنوا. فأقام بالربذة