ذلك، فعلي كرم الله وجهه لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا يبالي في مرضاة الله إذا سخط البشر كلهم أم رضوا.
و هنا لعب ابن السوداء أهم أدواره، ففي ظروف كتلك الظروف لا وقت عند الناس للتروي والتفكير وتقليب الأمور، ويسهل تصديق الإشاعات وتحميس المختلفين. وهكذا وجد اليهودي، مدعي الاسلام، مجالا رحبا لعلمه، وأستطيع أن أجزم بأنه كان يساعده في ذلك كثيرون. وكلما أشرف المختلفون على التفاهم والمصالحة، وجد أولئك سبيلا لإعادة الأمور أسوأ مما كانت عليه، يساعدهم في ذلك خوف كل من ثار مع قتله عثمان من القصاص . وحصلت المعركة... واستمات الطرفان، ووقع القتلى بالمئات والآلاف، وكان منهم طلحة والزبير، وانتصر علي، لكنه كان حزينا مع ذلك الانتصار، بل كان أكثر الناس حزنا بين المنتصرين، كما كانت عائشة رضي الله عنها أكثر الناس حزنا بين المنهزمين. كان علي يقول:
" والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة ".
كانت عائشة تقول:
" والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة ".
الكلام نفسه يصدر عن المنتصر وعن المنهزم. فقد حرص الطرفان على حقن الدماء لكن أمر الله كان قضاء مقضيا.
لقد زاد عدد ضحايا وقعة الجمل عن خمسة عشر الف قتيل، وكانت بداية حرب أهلية قصت تقريبا على جميع الباقين من الصحابة الصالحين. ومع مرور