غد، وإن الضياع اليوم تضيع به ما في غد، أقرر معاوية على عمله، وأقرر ابن عامر على عمله وأقرر العمال على أعمالهم، حتى إذا أتتك طاعتهم وبيعة الجنود استبدلت أو تركت. قال: حتى أنظر.
فخرج من عنده وعاد إليه من الغد، فقال: إني أشرت عليك بالأمس برأي، وإن الرأي أن تعاجلهم بالنزوع فيعرف السامع من غيره ويستقبل أمرك، ثم خرج. وتلقاه ابن عباس خارجا وهو داخل، فلما انتهى إلى علي قال: رأيت المغيرة خرج من عندك، ففيم جاءك؟ قال: جاءني أمس بذية وذية، وجاءني اليوم بذية وذية، فقال: اما أمس فقد نصحك، وأما اليوم فقد غشك.
قال: فما الرأي؟ قال: كان الرأي ان تخرج حين قتل الرجل أو قبل ذلك، فتأتي مكة فتدخل دارك وتغلق عليك بابك، فإن كانت العرب جائلة مضطربة في أثرك لا تجد غيرك، فاما اليوم فإن في بني أمية من يستحسنون الطلب بأن يلزموك شعبة من هذا الأمر، ويشبهون على الناس، ويطلبون مثل ما طلب أهل المدينة، ولا تقدر على ما يريدون ولا يقدرون عليه، ولو صارت الأمور إليهم حتى يصيروا في ذلك أموت لحقوقهم وأترك لها إلا ما يعجلون من الشبهة.
وقال المغيرة: نصحته والله، فلما لم يقبل غششته. وخرج المغيرة حتى لحق بمكة أخبار عمال علي:
[ولما دخلت سنة ست وثلاثين] بعث علي عماله على الأمصار فبعث