أصح من رواية من روى هجر ويهجر لأن هذا كله لا يصح منه (صلى الله عليه وسلم) لأن معنى هجر هذي وإنما جاء هذا من قائلة استفهاما للإنكار على من قال لا تكتبوا أي لا تتركوا أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه لأنه (صلى الله عليه وسلم) لا يهجر وإن صحت الروايات الأخرى كانت خطأ من قائلها قالها بغير تحقيق بل لما أصابه من الحيرة والدهشة لعظيم ما شاهده من النبي (صلى الله عليه وسلم) من هذه الحالة الدالة على وفاته وعظيم المصاب به وخوف الفتن والضلال بعده وأجرى الهجر مجرى شدة الوجع وقول عمر رضي الله عنه حسبنا كتاب الله رد على من نازعه لا على أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) والله أعلم قوله (صلى الله عليه وسلم) (دعوني فالذي أنا فيه خير) معناه دعوني من النزاع واللغط الذي شرعتم فيه فالذي أنا فيه من مراقبة الله تعالى والتأهب للقائه والفكر في ذلك ونحوه أفضل مما أنتم فيه قوله (صلى الله عليه وسلم) (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) قال أبو عبيد قال الأصمعي جزيرة العرب ما بين أقصى عدن اليمن إلى ريف العراق في الطول وأما في العرض فمن جدة وما والاها إلى أطراف الشام وقال أبو عبيدة هي ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول وأما في العرض فما بين رمل يرين إلى منقطع السماوة وقوله حفر أبي موسى هو بفتح الحاء المهملة وفتح الفاء أيضا قالوا وسميت جزيرة لإحاطة البحار بها من نواحيها وانقطاعها عن المياه العظيمة وأصل الجزر في اللغة القطع وأضيفت إلى العرب لأنها الأرض التي كانت بأيديهم قبل الإسلام وديارهم التي هي أوطانهم وأوطان أسلافهم وحكى الهروي عن مالك أن جزيرة العرب هي المجينة والصحيح المعروف عن مالك أنها مكة والمدينة واليمامة واليمامة واليمن وأخذ بهذا الحديث مالك والشافعي وغيرهما من العلماء فأوجبوا إخراج الكفار من جزيرة العرب وقالوا لا يجوز تمكينهم من سكناها ولكن الشافعي خص هذا الحكم ببعض جزيرة العرب وهو الحجاز وهو عنده مكة والمدينة واليمامة وأعمالها دون اليمن وغيره مما هو من جزيرة العرب بدليل آخر مشهور
(٩٣)