في كتبه وكتب أصحابه قال العلماء ولا يمنع الكفار من التردد مسافرين في الحجاز ولا يمكنون من الإقامة فيه أكثر من ثلاثة أيام قال الشافعي وموافقوه إلا مكة وحرمها فلا يجوز تمكين كافر من دخوله بحال فإن دخله في خفية وجب إخراجه فإن مات ودفن فيه نبش وأخرج ما لم يتغير هذا مذهب الشافعي وجماهير الفقهاء وجوز أبو حنيفة دخولهم الحرم وحجة الجماهير قول الله تعالى المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا والله أعلم قوله (صلى الله عليه وسلم) (وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم) قال العلماء هذا أمر منه (صلى الله عليه وسلم) بإجازة لوعود وضيافتهم واكرامهم تطبيبا لنفوسهم وترغيبا لغيرهم من المؤلفة قلوبهم ونحوهم وإعانة على سفرهم قال القاضي عياض قال العلماء سواء كان الوفد مسلمين أو كفارا لأن الكافر إنما يفد غالبا فيما يتعلق بمصالحنا ومصالحهم قوله (وسكت عن الثالثة أو قالها فأنسيتها) الساكت ابن عباس والناسي سعيد بن جبير قال المهلب الثالثة هي تجهيز جيش أسامة رضي الله عنه قال القاضي عياض ويحتمل أنها قوله (صلى الله عليه وسلم) لا تتخذوا قبري وثنا يعبد فقد ذكر مالك في الموطأ معناه مع إجلاء اليهود من حديث عمر رضي الله عنه وفي هذا الحديث فوائد سوى ما ذكرناه منها جواز كتابة العلم وقد سبق بيان هذه المسألة مرات وذكرنا أنه جاء فيها حديثان مختلفان فإن السلف اختلفوا فيها ثم أجمع من بعدهم على جوازها وبينا تأويل حديث المنع ومنها جواز استعمال المجاز لقوله (صلى الله عليه وسلم) أكتب لكم أي آمر بالكتابة ومنها أن الأمراض ونحوها لا تنافي النبوة ولا تدل على سوء الحال قوله (قال أبو إسحاق إبراهيم حدثنا الحسن بن بشر حدثنا سفيان بهذا الحديث) معناه أن أبا إسحاق
(٩٤)