باب أخذ الحلال وترك الشبهات قوله (صلى الله عليه وسلم) (الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس إلى آخره) أجمع العلماء على عظم وقع هذا الحديث وكثرة فوائده وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام قال جماعة هو ثلث الإسلام وأن الإسلام يدور عليه وعلى حديث الأعمال بالنية وحديث من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه وقال أبو داود السختياني يدور على أربعة أحاديث هذه الثلاثة وحديث لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقيل حديث أزهد في الدنيا يحبك الله وازهد ما في أيدي الناس يحبك الناس قال العلماء وسبب عظم موقعه أنه (صلى الله عليه وسلم) نبه فيه على اصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها وأنه ينبغي ترك المشتبهات فإنه سبب لحماية دينه وعرضه وحذر من مواقعة الشبهات وأوضح ذلك بضرب المثل بالحمى ثم بين أهم الأمور وهو مراعاة القلب فقال (صلى الله عليه وسلم) ألا وان في الجسد مضغة إلى آخره فبين (صلى الله عليه وسلم) أن بصلاح القلب يصلح باقي الجسد وبفساده يفسد باقيه وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) الحلال بين والحرام بين فمعناه أن الأشياء ثلاثة أقسام حلال بين واضح لا يخفى حله كالخبز والفواكه والزيت والعسل والسمن ولبن مأكول اللحم وبيضه وغير ذلك من المطعومات وكذلك الكلام والنظر والمشي وغير ذلك من التصرفات فيها حلال بين واضح لا شك في حله وأما الحرام البين فكالخمر والخنزير والميتة والبول والدم المسفوح وكذلك الزنا والكذب والغيبة والنميمة والنظر إلى الأجنبية وأشباه ذلك وأما المشتبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها وأما العلماء
(٢٧)