عهدهم ويصير حربا لنا وفيه دليل لمن يقول الواجب بالقسامة الدية دون القصاص قوله خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم هو بفتح الجيم وهو الشدة والمشقة والله أعلم باب حكم المحاربين والمرتدين فيه حديث العرنيين أنهم قدموا المدينة وأسلموا واستوخموها وسقمت أجسامهم فأمرهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بالخروج إلى إبل الصدقة فخرجوا فصحوا فقتلوا الراعي وارتدوا عن الإسلام وساقوا الذود فبعث النبي (صلى الله عليه وسلم) في آثارهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا هذا الحديث أصل في عقوبة المحاربين وهو موافق لقول الله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقط أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض واختلف العلماء في المراد بهذه الآية الكريمة فقال مالك هي على التخيير فيخير الإمام بين هذه الأمور إلا أن يكون المحارب قد قتل فيتحتم قتله وقال أبو حنيفة وأبو مصعب المالكي الإمام بالخيار وإن قتلوا وقال الشافعي وآخرون هي على التقسيم فإن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا وإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا فإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف فإن أخافوا السبيل ولم يأخذوا شيئا ولم يقتلوا طلبوا حتى يعزروا وهو المراد بالنفي عندنا قال أصحابنا لأن ضرر هذه الأفعال مختلف فكانت عقوباتها مختلفة ولم تكن للتخيير وتثبت أحكام المحاربة في الصحراء وهل تثبت في الأمصار فيه خلاف قال أبو حنيفة لا تثبت وقال مالك والشافعي تثبت قال القاضي عياض رضي الله عنه واختلف العلماء في معنى حديث العرنيين هذا فقال بعض السلف كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المثلة فهو منسوخ وقيل ليس منسوخا وفيهم نزلت آية المحاربة وإنما فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) بهم ما فعل قصاصا لأنهم فعلوا بالرعاة مثل ذلك وقد رواه مسلم في بعض طرقه ورواه ابن إسحاق وموسى
(١٥٣)