(اعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروى منها الا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه وأن يتقى منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع) الستارة بكسر السين وهي ما يستتر به وكذلك السترة وهي هنا إشارة إلى الصيانة وقوله وأن يتقى منها ضبطناه بالتاء المثناة فوق بعد المثناة تحت وبالقاف من الاتقاء وهو الاجتناب وفي بعض الأصول وأن ينفى بالنون والفاء وهو صحيح أيضا وهو بمعنى الأول وقوله صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين ليس هو من باب التكرار للتأكيد بل له معنى غير ذلك فقد تصح الروايات لمتن ويكون الناقلون لبعض أسانيده متهمين فلا يشتغل بذلك الاسناد وأما قوله إنه يجب أن يتقى ما كان منها عن المعاندين من أهل البدع فهذا مذهبه قال العلماء من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول المبتدع الذي يكفر ببدعته لا تقبل روايته بالاتفاق وأما الذي لا يكفر بها فاختلفوا في روايته فمنهم من ردها مطلقا لفسقه ولا ينفعه التأويل ومنهم من قبلها مطلقا إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه سواء كان داعية إلى بدعته أو غير داعية وهذا محكى عن امامنا الشافعي رحمه الله لقوله اقبل شهادة أهل الأهواء لا الخطابية من الرافضة لكونهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم ومنهم من قال تقبل إذا لم يكن داعية إلى بدعته ولا تقبل إذا كان داعية وهذا مذهب كثيرين أو الأكثر من العلماء وهو الأعدل الصحيح وقال بعض أصحاب الشافعي رحمه الله اختلف أصحاب الشافعي في غير الداعية واتفقوا على عدم قبول الداعية وقال أبو حاتم بن حيان بكسر الحاء لا يجوز الاحتجاج بالداعية عند أئمتنا قاطبة
(٦٠)