قال رحمه الله (وللذي سألت أكرمك الله إلى قوله عاقبة محمودة) فبقوله للذي هو بكسر اللام وهو خبر عاقبة وإنما ضبطه وإن كان ظاهرا لأنه مما يغلط فيه ويصحف وقد رأيت ذلك غير مرة قال رحمه الله (وظننت حين سألتني تجشم ذلك أن لو عزم لي عليه وقضى لي تمامه كان أول من يصيبه نفع ذلك إياي) قوله تجشم ذلك أي تكلفه والتزام مشقته وقوله عزم هو بضم العين وهذا اللفظ مما أعتنى بشرحه من حيث أنه لا يجوز أن يراد بالعزم هنا حقيقته المتبادرة إلى الافهام وهو حصول خاطر في الذهن لم يكن فان هذا محال في حق الله تعالى واختلف في المراد به هنا فقيل معناه لو سهل لي سبيل العزم أو خلق في قدرة عليه وقيل العزم هنا بمعنى الإرادة فان القصد والعزم والإرادة والنية متقاربات فيقام بعضها مقام بعض فعلى هذا معناه لو أراد الله ذلك لي وقد نقل الأزهري وجماعة غيره أن العرب تقول نواك الله بحفظه قالوا وتفسيره قصدك الله بحفظه وقيل معناه لو ألزمت ذلك فان العزيمة بمعنى اللزوم ومنه قول أم عطية رضي الله عنه نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا أي لم نلزم الترك وفي الحديث الآخر يرغبنا في قيام رمضان من غير عزيمة أي من غير الزام ومثله قول الفقهاء ترك الصلاة في زمن الحيض عزيمة أي واجب على المرأة لازم لها والله أعلم وقوله كان أول هو برفع أول على أنه اسم كان قال رحمه الله (الا بأن يوقفه على التمييز غيره) قوله يوقفه بتشديد القاف ولا يصح أن يقرأ هنا بتخفيف القاف بخلاف ما قدمناه في قوله توقف على جملتها لان اللغة الفصيحة المشهورة وقفت فلانا على كذا فلو كان مخففا لكان حقه أن يقال بأن يقفه على التمييز والله أعلم قال رحمه الله (جملة ذلك أن ضبط القليل من هذا الشأن واتقانه أيسر على المرء
(٤٦)