ويقول: وحق المصطفى والمرتضى وسيدة النساء لاستنزلن من حول الله عز وجل بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب أهل هذه الكورة إياه واستخفافهم به وبخاصته وعامته، ثم أنه (عليه السلام) انصرف إلى مركزه واستحضر الميضاة وتوضأ وصلى ركعتين وقنت في الثانية فقال: «اللهم يا ذا القدرة الجامعة والرحمة الواسعة والمنن المتتابعة والآلاء المتوالية والأيادي الجميلة والمواهب الجزيلة يا من لا يوصف بتمثيل ولا يمثل بنظير ولا يغلب بظهير يا من خلق فرزق وألهم فأنطق وابتدع فشرع وعلا فارتفع وقدر فأحسن وصور فأتقن واحتج فأبلغ وأنعم فأسبغ وأعطى فأجزل يا من سما في العز ففات خواطر الأبصار ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار يا من تفرد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه وتوحد بالكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام وحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام يا عالم خطرات قلوب العالمين ويا شاهد لحظات أبصار الناظرين يا من عنت الوجوه لهيبته وخضعت الرقاب لجلالته ووجلت القلوب من خيفته وارتعدت الفرائص من فرقه يا بدئ يا بديع يا قوي يا منيع يا علي يا رفيع صل على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه وانتقم لي ممن ظلمني واستخف بي وطرد الشيعة عن بابي وأذقه مرارة الذل والهوان كما أذاقنيها واجعله طريد الأرجاس وشريد الأنجاس».
قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: فما استتم مولاي (عليه السلام) دعاءه حتى وقعت الرجفة في المدينة وارتج البلد وارتفعت الزعقة والصيحة واستفحلت النعرة وثارت الغبرة وهاجت القاعة فلم أزائل مكاني إلى أن سلم مولاي (عليه السلام)، فقال لي:
يا أبا الصلت اصعد السطح فإنك سترى امرأة بغية غثة رثة، مهيجة الأشرار متسخة الأطمار يسميها أهل هذه الكورة سمانة لغباوتها وتهتكها قد أسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا وقد شدت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء فهي تقود جيوش القاعة وتسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون ومنازل قواده، فصعدت السطح فلم أر إلا نفوسا تنتزع بالعصي وهامات ترضخ بالأحجار ولقد رأيت المأمون متدرعا