واجتهدتم بأفضل الإجتهاد وإن كان غيركم أطول منكم صلاة وأكثر منكم صياما فأنتم أتقى لله عزوجل وأنصح منهم لأولي الأمر.
احذروا يا عباد الله الموت وسكرته فأعدوا له عدته فإنه يفجأكم بأمر عظيم بخير لا يكون معه شر أبدا أو بشر لا يكون معه خير أبدا فمن أقرب إلى الجنة من عاملها؟
ومن أقرب إلى النار من عاملها؟ انه ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم إلى أي المنزلتين يصير إلى الجنة أم النار؟ أعدو هو لله أم ولي؟ فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة وشرعت له طرقها ورآى ما أعد الله له فيها ففرغ من كل شغل ووضع عنه كل ثقل وإن كان عدوا لله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها ونظر إلى ما أعد الله له فيها فاستقبل كل مكروه وترك كل سرور، كل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين قال الله تعالى: ﴿الذين تتوفيهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون﴾ (١) ويقول: ﴿الذين تتوفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى ان الله عليم بما كنتم تعملون فأدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين﴾ (2).
يا عباد الله ان الموت ليس منه فوت فاحذروه قبل وقوعه وأعدوا له عدته فإنكم طرد الموت إن أقمتم له أخذكم وإن فررتم منه أدرككم وهو الزم لكم من ظلكم، الموت معقود بنواصيكم والدنيا تطوي بخلفكم فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظا وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت فقال: أكثروا ذكر الموت فإنه هادم اللذات حائل بينكم وبين الشهوات.
يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر فاحذروا ضيقه