ما كانوا يوعدون، فغير موصوف ما نزل بهم اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت ففترت لها أطرافهم وتغيرت لها ألوانهم ثم ازداد الموت فيهم ولوجا فحيل بين أحدهم وبين منطقه وإنه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع بأذنه على صحة من عقله وبقاء من لبه ويفكر فيم أفنى عمره وفيم أذهب دهره ويتذكر أموالا جمعها، أغمض في مطالبها وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها تبقى لمن ورائه ينعمون فيها ويتمتعون بها فيكون المهنأ لغيره والعبء على ظهره والمرء قد غلقت رهونه بها يعض يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره ويتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه، فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط لسانه سمعه فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه يردد طرفه بالنظر في وجوههم يرى حركات ألسنتهم ولا يسمع رجع كلامهم، ثم ازداد الموت التياطا فقبض بصره كما قبض سمعه وخرجت الروح من جسده فصار جيفة بين أهله قد أوحشوا من جانبه وتباعدوا من قربه لا يسعد باكيا ولا يجيب داعيا ثم حملوه إلى مخط في الأرض فأسلموه فيه إلى عمله وانقطعوا عن زورته، الخطبة (1).
[9235] 8 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... ومن غيرها (الدنيا) أنك ترى المرحوم مغبوطا والمغبوط مرحوما، ليس ذلك إلا نعيما زل وبؤسا نزل... (2).
[9236] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: رب مستقبل يوما ليس بمستدبره ومغبوط في أول ليله قامت بواكيه في آخره (3).