عهد نبيكم؟! فمن سمع فليقل، ومن شهد فليتكلم، كلا بل هو ثعالة شهيده ذنبه (١) لعنه الله، وقد لعنه الله مرب (٢) لكل فتنة، يقول: كروها جذعة (٣); ابتغاء الفتنة من بعد ما هرمت، كأم طحال (٤) أحب أهلها الغوي (٥) ألا لو شئت أن أقول لقلت، ولو تكلمت لبحت، وإني ساكت ما تركت، يستعينون بالصبية، ويستنهضون النساء، وقد بلغني - يا معشر الأنصار - مقالة سفهائكم - فوالله - إن أحق الناس بلزوم عهد رسول الله أنتم، لقد جاءكم فآويتم ونصرتم، وأنتم اليوم أحق من لزم عهده، ومع ذلك فاغدوا على أعطياتكم، فإني لست كاشفا قناعا، ولا بساطا ذراعا، ولا لسانا إلا على من استحق ذلك، والسلام.
قال: فأطلعت أم سلمة رأسها من بابها وقالت: ألمثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا، وهي الحوراء بين الإنس، والأنس للنفس، ربيت في حجور الأنبياء وتداولتها أيدي الملائكة، ونمت في حجور الطاهرات، ونشأت خير منشأ، وربيت خير مربى؟! أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه ولم يعلمها؟! وقد قال الله له:
﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ (6)؟ أفأنذرها وجاءت تطلبه وهي خيرة النسوان، وأم سادة الشبان، وعديلة مريم ابنة عمران، وحليلة ليث الأقران، تمت بأبيها رسالات ربه; فوالله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر، فيوسدها يمينه، ويلحفها بشماله; رويدا فرسول الله بمرأى لغيكم، وعلى الله تردون، فواها لكم وسوف تعلمون.