شئ، ثم بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين، وتمم به نعمته، وختم به أنبياءه، وأرسله إلى الناس كافة، وأظهر من صدقه ما أظهر، وبين من آياته وعلاماته ما بين، ثم قبضه صلى الله عليه وآله حميدا فقيدا سعيدا، وجعل الامر بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم إلى الأوصياء من ولده واحدا واحدا، أحيى بهم دينه، وأتم بهم نوره، وجعل بينهم وبين إخوانهم وبني عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقانا بينا يعرف به الحجة من المحجوج، والامام من المأموم، بأن عصمهم من الذنوب، وبرأهم من العيوب، وطهرهم من الدنس، ونزههم من اللبس، وجعلهم خزان علمه، ومستودع حكمته، وموضع سره، وأيدهم بالدلائل، ولولا ذلك لكان الناس على سواء، ولادعى أمر الله عز وجل كل أحد، ولما عرف الحق من الباطل، ولا العالم من الجاهل، وقد ادعى هذا المبطل المفتري على الله الكذب بما ادعاه، فلا أدري بأية حالة هي له رجاء أن يتم دعواه، أبفقه في دين الله؟
فوالله ما يعرف حلالا من حرام ولا يفرق بين خطأ وصواب، أم بعلم؟ فما يعلم حقا من باطل، ولا محكما من متشابه، ولا يعرف حد الصلاة ووقتها. أم بورع؟ فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض أربعين يوما، يزعم ذلك لطلب الشعوذة، ولعل خبره قد تأدى إليكم، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة، وآثار عصيانه لله عز وجل مشهورة قائمة. أم بآية؟ فليأت بها، أم بحجة. فليقمها، أم بدلالة فليذكرها. قال الله عز وجل في كتابه * (بسم الله الرحمن الرحيم حم، تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم، ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون، قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات، ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين، ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون، وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) * فالتمس تولى الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت