معهم من التجارة ويحملون إلى أهاليهم ويقتسمون مواريثهم فلا يلبثون بعد ذلك إلا ستة أشهر حتى يوافوا إلى أهاليهم على مقدمة القائم فكأنهم لم يفارقوهم. وأما المستأمنة من المسلمين إلى الروم فهم قوم ينالهم أذى شديد من جيرانهم وأهاليهم ومن السلطان فلا يزال ذلك بهم حتى أتوا ملك الروم فيقصون عليه قصتهم ويخبرونه بما هم من أذى قومهم وأهل ملتهم فيؤمنهم ويعطيهم أرضا من أرض قسطنطينية فلا يزالون بها حتى إذا كانت الليلة التي يسرى بهم فيها ويصبح جيرانهم وأهل الأرض التي كانوا بها قد فقدوهم فيسألون عنهم أهل البلاد فلا يحسوا لهم أثرا ولا يسمعون لهم خبرا ويخبرون ملك الروم بأمرهم وأنهم فقدوا فيوجه في طلبهم ويستقصى آثار هم وأخبارهم فلا يعود مخبر لهم يخبر فيغتم طاغية الروم غما شديدا ويطالب جيرانهم بهم ويحبسهم ويلزمهم إحضارهم ويقول ما قدمتم على قوم آمنتهم وأوليتهم جميلا ويوعدهم القتل ان لم يأتوا بهم ويخبرهم وإلى أين صاروا فلا يزال أهل مملكته في أذية ومطالبة ما بين معاقب ومحبوس ومطلوب حتى يسمع بما هم فيه راهب قد قرأ الكتب فيقول لبعض من يحدثه حديثهم لأنه ما بقي في الأرض أحد يعلم علم هؤلاء القوم غيري وغير رجل من يهود بابل فيسألونه عن أحوالهم فلا يخبر أحدا من الناس حتى يبلغ ذلك الطاغية فيوجه في حمله إليه فإذا حضره قال الملك قد بلغني ما قلت وقد ترى ما أنا فيه فأصدقني إن كانوا مرتابين قتلت بهم من قتلهم ويخلص من سواهم من التهمة قال الراهب لا تعجل أيها الملك ولا تحزن على القوم فإنهم لن يقتلوا ولن يموتوا ولا حدث بهم حدث يكرهه الملك ولا هم ممن يرتاب بأمرهم ونالتهم غيلة ولكن هؤلاء قوم حملوا من أرض الملك إلى أرض مكة إلى ملك الأمم وهو الأعظم الذي تبشر به وتحدث عنه وتعد ظهوره وعدله وإحسانه قال له الملك من أين لك هذا قال ما كنت لاقول إلا حقا فإنه عندي في كتاب قد أتى عليه أكثر من خمسمائة سنة يتوارثه العلم آخر عن أول فيقول له الملك فإن كان ما نقول حقا وكنت فيه صادقا فاحضر الكتاب فيمضي في إحضاره ويوجه الملك معه نفرا من ثقاته فلا يلبث حتى يأتيه بالكتاب
(٢٩)