من منن الله تعالى علي أن وفقني لمطالعة قسم كثير من كتاب بحار الأنوار، الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار - عليهم صلوات الله الملك السلام - لعلم العلام، فخر الاسلام، غواص بحار الحقائق، مولانا، الشيخ محمد باقر المجلسي، قدس الله نفسه الزكية (1)، حين ما خرج الجزء الأول منه، من الطبعة الجديدة - المعروفة بطبعة الآخوندي - وكنت يوم ذاك نزيلا بالنجف الأشرف، عاكفا بباب مدينة علم النبي، عليهما آلاف الثناء والتحية، في سنة 1376 من الهجرة النبوية القمرية.
ولقد راقني صفحات هذا السفر القيم حين رأيتها مزينة بالتعليقات الأنيقة العلمية التحقيقية، من صاحب تفسير الميزان، سماحة العلامة، آية الله، الحاج، السيد محمد حسين، الطباطبائي، طيب الله رمسه (8) حيث أوضح غوامضه، وحقق ونسق مطالبه، ولكن مع الأسف، حدثت في وقتها حوادث، حالت بينه وبينها، فلم تستمر تلك الحواشي الثمينة. وعلى أي حال، خرجت أجزاء الكتاب من الطبع بالتدريج، وعزمت حين المطالعة لجمع بعض دررها الغالية، واقتطاف بعض ثمارها اليانعة، التي كانت بنظري القاصر فيها تبصرة للباحثين، وتذكرة للذاكرين، أو كانت قطعة أدبية، أو تاريخية، أو أخلاقية، أو طبية، أو منظومة خاصة، ونحو ذلك، فصارت تحفة رائعة، وموسوعة جامعة، أخبارها مقتنية، وجنة عالية، أنهارها جارية، و أغصانها متدلية، وثمارها مجتنية، فالمأدبة حاضرة.
وأتيح لي أن أذكر جملة من مقدمة كتاب المصنف - عليه الرحمة - فإنه قال: (... فيا معشر إخوان الدين المدعين لولاء أئمة المؤمنين، أقبلوا نحو مأدبتي هذه مسرعين، وخذوها بأيدي الإذعان واليقين...) (9).
ولابد هنا من ذكر أمور لا تخلو من فائدة:
الأمر الأول: إن هذا العمل ليس أمرا جديدا وابتكارا مني، وإن توهمت ذلك أوان الشروع في العمل، وذلك لأنه تصدى لاختصار كتاب بحار الأنوار أو بعضه عدة من