فعندما نريد أن نفهم نصا من النصوص يتضمن رأيا في الانسان وفي مصيره يجب علينا أولا أن نفهم الثقافة التي صدر عنها هذا النص، ثم يجب علينا ثانيا أن نفهم الواقع التأريخي الذي صدر فيه النص، فإذا تم لنا من ذلك ما أردنا وضعنا النص في إطاره التاريخي الخاص وأحطناه بظروفه النفسية المعينة، وفسرناه من وجهة نظر الثقافة التي ألهمته قائله، فحينئذ يتهيأ لنا أن نفهم النص فهما صحيحا.
أما حين نجرد النص من إطاره التأريخي، ثم ننظر إليه بغير الروح التي صدر عنها، فإن أملنا بالفهم الصحيح يكون عقيما لأننا حينئذ لن نحصل على الفهم الصحيح أبدا.
وهنا يكمن الخطأ الكبير الذي انزلق إليه من حسب نهج البلاغة كتابا يدعو إلى رفض الحياة الدنيا والتنفير عنها.
إن هؤلاء حينما ذهب بهم الوهم هذا المذهب كانوا على جهل بالمثل الاعلى للحياة في الاسلام من جهة أولى، وكانوا على جهل بنظرة الاسلام الواقعية إلى الحياة والموت والمال من جهة ثانية، وكانوا على جهل بالواقع التاريخي الذي صدر فيه القسم الوعظي من نهج البلاغة من جهة ثالثة.
فعلينا لكي نفهم القسم الوعظي من نهج البلاغة فهما صحيحا أن نعني بفهم هذه الأمور الثلاثة، وسيكون هذا سببا في دراسة الواقع الاجتماعي في زمان الإمام دراسة (؟) موسعة.