وهكذا كان، فإن الخوارج، بعد العدل الذي لاقوه من حكومته والحرية التي تمتعوا بها، لم يعاملوا في جميع العهود التالية إلا بالاضطهاد والحرب والمطاردة.
* * * وقال لما قتل الخوارج وقيل له: هلك القوم بأجمعهم:
(كلا والله، إنهم نطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء (1)، كلما نجم منهم قرن قطع (2) حتى يكون آخرهم لصوصا سلابين) (3).
وقد صحت نبوءته، فلم يمض زمن طويل حتى نجم أمرهم مرة أخرى واستمرت بينهم وبين السلطات المركزية المتعاقبة حروب طاحنة، وكانت نهايتهم أن صاروا قطاع طرق ولصوصا سلابين.
* * * وقد تنبأ بعدد من يقتل من أصحابه وبقدر من يبقى من الخوارج قبل أن يشتبك معهم في النهروان، فقال:
(مصارعهم دون النطفة (4)، والله لا يفلت منهم عشرة، ولا يهلك منكم عشرة) (5).