وارتباطها مع هذين المعنيين هو أنها مانعة من الجهل والأخلاق المذمومة.
وتطلق على العلم الخالي من الخلل والمحكم الذي لا يقبل الخطأ مطلقا.
وقال العلامة الطباطبائي في تفسير " الميزان ":
" الحكمة بكسر الحاء على فعله بناء نوع يدل على نوع المعنى. فمعناه النوع من الإحكام والإتقان، أو نوع من الأمر المحكم المتقن الذي لا يوجد فيه ثلمة ولا فتور. وغلب استعماله في المعلومات العقلية الحقة الصادقة التي لا تقبل البطلان والكذب البتة " (1).
ونلحظ أن الأحاديث ذكرت معاني متنوعة للحكمة. وللمفسرين أيضا آراء متفاوتة في تفسير هذه الحكمة، فقد نقل الآلوسي في تفسيره تسعة وعشرين قولا في تفسيرها، عن كتاب " البحر "، قال:
" إن فيها تسعة وعشرين قولا لأهل العلم، قريب بعضها من بعض. وعد بعضهم الأكثر منها اصطلاحا واقتصارا على ما رآه القائل فردا مهما من الحكمة، وإلا فهي في الأصل مصدر من الإحكام، وهو الإتقان في علم أو عمل أو قول أو فيها كلها " (2).
أقول: التأمل في استعمال القرآن الكريم والحديث الشريف لكلمة " الحكمة " في شأن الإنسان يقدم لنا تعريفا واضحا لها. فهي " عبارة عن المقدمات العلمية، والعملية، والروحية لبلوغ الإنسان الهدف الأعلى للإنسانية ". وكل ما ذكرته الأحاديث في تفسيرها مصداق من مصاديق هذا التعريف العام.
في ضوء التعريف المتقدم تقسم الحكمة ثلاثة أقسام هي: الحكمة النظرية، والحكمة العملية، والحكمة الحقيقية. وهذا الأقسام الثلاثة تمثل القاعدة الوطيدة والمراقي المقوية المتقنة للعروج إلى مقام الإنسان الكامل والدنو من الكمال المطلق.