(الثالث) شكل الحكومة التي تمخضت عنها السقيفة، فقد تولى أبو بكر الخلافة، وأبو عبيدة المال، وعمر القضاء (1). وفي مصطلحنا اليوم أن الأول تولى السياسة العليا، والثاني تولى السياسة الاقتصادية، والثالث تولى السلطات القضائية، وهي الوظائف الرئيسية في مناهج الحكم الإسلامي.
وتقسيم المراكز الحيوية في الحكومة الإسلامية يومئذ بهذا الأسلوب على الثلاثة الذين قاموا بدورهم المعروف في سقيفة بني ساعدة لا يأتي بالصدفة على الأكثر ولا يكون مرتجلا.
(الرابع) قول عمر حين حضرته الوفاة: (لو كان أبو عبيدة حيا لوليته) (2).
وليست كفاءة أبي عبيدة هي التي أوحت إلى عمر بهذا التمني، لأنه كان يعتقد أهلية علي للخلافة ومع ذلك لم يشأ أن يتحمل أمر الأمة حيا وميتا (3).
وليست أمانة أبي عبيدة التي شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها - بزعم الفاروق - هي السبب في ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يخصه بالاطراء، بل كان في رجالات المسلمين يومئذ من ظفر بأكثر من ذلك من ألوان الثناء النبوي (4)