فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٢٧
خبريني يا ذكريات أبي العزيز أليس أبو بكر هو الذي لم يأتمنه الوحي على تبليغ (1) آية للمشركين؟ وانتخب للمهمة عليا، فماذا يكون معنى هذا إن لم يكن معناه أن عليا هو الممثل الطبيعي للاسلام الذي يجب أن تستند إليه كل مهمة لا يتيسر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرتها؟
إني لأتذكر بوضوح ذلك اليوم العصيب الذي أرجف فيه المرجفون لما استخلف أبي عليا على المدينة وخرج إلى الحرب، فوضعوا لهذا الاستخلاف (2) ما شاؤوا من تفاسير، وكان علي ثابتا كالطود لا تزعزعه مشاغبات المشاغبين، وكنت أحاول أن يلتحق بأبي ليحدثه بحديث الناس، وأخيرا لحق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم رجع متهلل الوجه ضاحك الأسارير، تحمله الفرحة إلى قرينته الحبيبة ليزف إليها بشرى لا بمعنى من معاني الدنيا بل بمعنى من معاني السماء. فقص علي كيف استقبله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورحب به وقال له: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) (3)، وهارون موسى كان شريكا له في الحكم، وإماما لامته، ومعدا لخلافته، فلابد أن يكون هارون محمد صلى الله عليه وآله وسلم وليا للمسلمين وخليفته فيهم من بعده.

(١) إشارة إلى قصة تبليغ سورة براءة، وهي في مسند الأمام أحمد بن حنبل ١: ٣ طبعة دار صادر - بيروت، وفي الكشاف / الزمخشري ٢: ٢٤٣، قال: (روي أن أبا بكر لما كان ببعض الطريق لتبليغ سورة براءة، هبط جبرائيل عليه السلام فقال: (يا محمد لا يبلغن رسالتك إلا رجل منك، فأرسل عليا...). راجع الرواية أيضا في صحيح الترمذي ٥: ٥٩٤.
(٢) راجع تفصيل الرواية في تاريخ الطبري ٢: ١٨٢ - ١٨٣، البداية والنهاية / ابن كثير الدمشقي ٧: ٣٤٠.
(٣) راجع: التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم / الشيخ منصور علي ناصف ٣:
٣٣٢، قال: رواه الشيخان والترمذي، صحيح مسلم ٤: ١٨٧٣، خصائص النسائي: 48 - 50. (الشهيد)
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185