فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٢٣
حنانا، وأكثرها إشفاقا، وأوفرها بركة.
وهذه كارثة من شأنها أن تذيق المصاب بها مرارة الموت أو أن تظهر له الموت حلوا شهيا، وأملا نيرا.
وهكذا كانت الزهراء حينما لحق أبوها بالرفيق الأعلى، وطارت روحه الفرد إلى جنان ربها راضية مرضية.
ثم لم تقف الحوادث المرة عند هذا الحد الرهيب، بل عرضت الزهراء لخطب آخر قد لا يقل تأثيرا في نفسها الطهور، وإيقادا لحزنها، وإذ كاء لأساها عن الفاجعة الأولى كثيرا وهو خسارة المجد الذي سجلته السماء لبيت النبوة على طول التاريخ، وأعني بهذا المجد العظيم سيادة الأمة وزعامتها الكبرى، فقد كان من تشريعات السماء أن يسوس آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أمته وشيعته، لأنهم مشتقاته ومصغراته، وإذا بالتقدير المعاكس يصرف مراكز الزعامة عن أهلها، ومناصب الحكم عن أصحابها،

(١) كان تخطيط السماء أن يتولى علي وأهل البيت الأطهار إمامة الأمة وزعامتها، وقد كانت هناك عملية إعداد واسعة النطاق تربويا وفكريا لمثل هذه الخلافة والزعامة، بل كان هناك منهج واضح تتوالى خطواته بهذا الاتجاه وتشهد لذلك نصوص ا لقرآن الكريم والسنة المطهرة، بما لا يدع مجالا للشك. (راجع بحثا مستفيضا حول هذه النقطة في كتاب نشأة التشيع والشيعة للشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليه) بتحقيق الدكتور عبد الجبار شرارة)، فقد أثبتنا بالأرقام والشواهد والنصوص هذه الحقيقة بالرجوع إلى المصادر المعتمدة والروايات الصحيحة عند إخواننا أهل السنة.
وراجع أيضا على سبيل المثال: تاريخ الطبري ٣: ٢١٨ - 219 الطبعة الأولى / المطبعة الحسينية بمصر، تاريخ الخلفاء / السيوطي: 171، الصواعق المحرقة / ابن حجر: 127، مختصر تاريخ ابن عساكر / ابن منظور 17: 356 وما بعدها.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست