فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٩٣
الخصومة لا يحتاج إلى أمر شرعي، لأن نفس وضعها قانونا للقضاء معناه لزوم تطبيقها، فلا يكون الأمر بالتزام القانون إلا تكرارا أو تنبيها، وليس من حقيقة الأمر في شئ. وأما الأمر بالحكم على طبق الحقائق الواقعية سواء أكان عليها دليل من بينة وشهادة أو لا، فهو من طبيعة الأمر بالصميم لأنه تقرير جديد يوضح أن الواقع هو ملاك القضاء الإسلامي والمحور الذي ينبغي أن يدور عليه دون أن يتقيد بالشكليات والأدلة الخاصة (1).
وإذن فالآيتان دليل على اعتبار علم الحاكم في قوانين القضاء الإسلامية (2).
وأضف إلى ذلك أن الصديق نفسه كان يكتفى كثيرا بالدعوى المجردة عن البينة. فقد جاء عنه في صحيح البخاري (3) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما

(١) وإذا أردنا أن نترجم هذا المعنى إلى اللغة العلمية قلنا: إن الأمر على التقدير الثاني يكون إرشاديا إذ لا ملاك للأمر المولوي في المقام، حيث أن المأمور اتباعه هو بنفسه كاف للبعث والتحريك، فظهور الأمر في المولوية يقضي بصرف لفظة العدل إلى المعنى الأول لجواز الأمر مولويا باتباع الواقع فيما إذا دلت عليه البينة خاصة وإمكان الأمر باتباعه مطلقا.
وأنا أعتذر عن عدم استعمال الاصطلاحات العلمية الدائرة في مباحث المنطق والفلسفة والفقه والأصول - إلا حين اضطر إلى ذلك اضطرارا - لأنني أحاول أن تكون بحوث هذا الفصل مفهومة لغير المتخصصين في تلك العلوم. (الشهيد) (٢) إن قيل: إن الحديث الوارد عن أهل البيت فيمن قضى بالحق وهو لا يعلم الحكم باستحقاقه للعقاب يدل على عدم كون القضاء من آثار الواقع، فيدور الأمر بين صرف هذه الرواية عن ظهورها في عدم نفوذ الحكم وحمل العقاب فيها على التجري، وبين صرف الكلمتين إلى المعنى الثاني قلت: لا وجه لكلا التأويلين بل الرواية المذكورة مقيدة للآيات بصورة العلم، فيكون موضوع القضاء مركبا من الواقع والعلم به، وبتعبير آخر أنه من آثار الواقع الواصل. (الشهيد) (٣) صحيح البخاري ٢: ٩٥٣، حديث 2537 كتاب الشهادات - باب 29. (الشهيد)
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185