(إحداهما) الحق والعدل في نفس الأمر والواقع.
(والأخرى) الحق والعدل بحسب الموازين القضائية. فالحكم على وفق البينة. حق واعتدال في عرف هذه الملاحظة وإن أخطأت، ويعاكسه الحكم على وفق شهادة الفاسق، فإنه ليس حقا ولا عد لا وإن كان الفاسق صادقا في خبره.
والمعني بالكلمتين في الآيتين الكريمتين إن كان هو المعنى الأول للحق والعدل، كانتا دالتين على صحة الحكم بالواقع من دون احتياج إلى البينة فإذا أحرز الحاكم ملكية شخص لمال صح له أن يحكم بذلك لأنه يرى أنه الحق الثابت (1) في الواقع والحقيقة العادلة، فحكمه بملكية ذلك الشخص للمال مصداق في عقيدته للحكم بالحق والعدل الذي أمر به الله تعالى. وأما إذا فسرنا الكلمتين في الآيتين بالمعنى الثاني أعني ما يكون حقا وعدلا بحسب مقاييس القضاء فلا يستقيم الاستدلال بالنصين القرآنيين على شئ في الموضوع لأنهما لا يثبتان حينئذ أن أي قضاء يكون قضاء بالحق وعلى طبق النظام، وأي قضاء لا يكون كذلك؟
ومن الواضح أن المفهوم المتبادر من الكلمتين هو المعنى الأول دون الثاني وخاصة كلمة الحق، فإنها متى وصف بها شي فهم أن ذلك الشئ أمر ثابت في الواقع، فالحكم بالحق عبارة عن الحكم بالحقيقة الثابتة. ويدل على ذلك الأسلوب الذي صيغت عليه الآية الأولى، فإنها تضمنت أمرا بالحكم بالعدل. وواضح جد ا أن تطبيق التنظيمات الإسلامية في موارد