إطارها العام، فإن الشهيد ينبه هنا إلى ضرورة (أن تستمد هذه التأملات كيانها النظري من عالم الناس المنظور، لا من عالم تبتدعه العواطف والمرتكزات، وينشئه التعبد والتقليد). ثم يضع قيدا على مثل تلك التأملات وهو أن لا تستند إلى خيال مجنح يرتفع بالسفاسف إلى الذروة، وتبنى عليها نتائج غير سليمة.
وأخيرا يؤكد السيد الشهيد ضرورة الالتزام بمنطق البحث العلمي لا بما نستلهمه من عواطفنا وموروثاتنا. ثم ينبه إلى حقيقة خطيرة في حقل الدراسات هي تحول المؤرخ إلى روائي يستوحي من دنيا ذهنه، لا من الوقائع التاريخية.
إن معالم هذا المنهج يكشف عن وعي مبكر وعميق بأصول البحث العلمي وشروطه الأساسية. وقد رأيت السيد الشهيد وهو يخوض غمار هذا البحث متسلحا بمنطق العلم، متحمسا لمنطق الحق، مستمسكا بما يهديه إليه منطق الأحداث. وهو في كل ذلك يستند إلى ما نقله المؤرخون، وما نطقت به الوثيقة التاريخية، ويستنتج وفق الضوابط والأصول المعتبرة.
لمحة موجزة عن فصول الكتاب:
تناول الشهيد الصدر (قضية فدك) بالمنظور الفاطمي أي بأبعادها المتشعبة في جوانب الحياة الإسلامية، وفي آماد الزمان اللاحق، ولذلك اعتبرها أي (قضية فدك) ثورة شاملة، فعرض لخلفية (الحديث) أي ما اعتمل في ذهن الزهراء (سلام الله عليها) من أفكار، وما دار في خلدها من ذكريات عظيمة في حياة أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ها هي تصحو على واقع مؤلم مرير يموج بالمحنة وبالفتنة التي لا تقف عند حدود، فيحفزها ذلك إلى أن تطلق صرختها، وتعلن عن الشروع بالمجابهة، ثم ينتقل السيد الشهيد إلى الفصل الثاني (فد ك في معناها