فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٧٧
نفس وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكمالاته الذاتية، والنبوة بالمعنى الاخر يستحيل انتقالها أيضا لأنها حينئذ أمر اعتباري متشخص الأطراف ولا يعقل تبدل طرف من أطرافه إلا بتبدل نفسه وانقلابه إلى فرد آخر. فنبوة زكريا مثلا هي هذه التي اختص بها زكريا ولن يعقل ثبوتها لشخص آخر لأنها لا تكون حينئذ تلك النبوة الثابتة لزكريا بل منصبا جديدا أو مقاما نبويا حادثا.
والنظر الأولي في المسألة يقضي بامتناع انتقال العلم والنبوة من دون حاجة إلى هذا التعمق والتوسع. وإذن فالنتيجة التي يقررها العقل في شوطه الفكري القصير الذي لا يعسر على الخليفة مسايرته فيه هي أن المال وحده الذي ينتقل دون العلم والنبوة.
3 - وقد يعترض على تفسير الإرث في كلام زكريا بإرث المال بأن يحيى عليه السلام لم يرث مال أبيه لاستشهاده في حياته فيلزم تفسير الكلمة بإرث النبوة، لأن يحيى قد حصل عليها ويكون دعاء النبي حينئذ قد استجيب.
ولكن هذا الاعتراض لا يختص بتفسير دون تفسير، لأن يحيى عليه السلام كما أنه لم يرث مال أبيه كذلك لم يخلفه في نبوته. وما ثبت له من النبوة لم يكن وراثيا وليس هو مطلوب زكريا وإنما سأل زكريا ربه وا رثا يرثه بعد موته ولذا قال: (وإني خفت الموالي من ورائي) (1) أي بعد موتي، فإن كلامه يدل بوضوح على أنه أراد وارثا يخلفه ولم يرد نبيا يعاصره، وإلا لكان خوفه من الموالي بعد وفاته باقيا. فلا بد - على كل تقدير - أن نوضح الآية على أسلوب يسلم عن الاعتراض، وهو أن تكون جملة (يرثني ويرث من آل

(1) مريم / 6، وراجع تفسير الكشاف 3: 4، طبعة دار الكتاب العربي - بيروت.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185