بذلك أرباب التاريخ (1)، بل لم يرو له رواة المسلمين جميعا قتالا في ذلك الموقف مهما يكن لونه (2).
وإذن فلماذا وقف مع الثائبين إن كان لم يفر؟ ألم يكن القتال واجبا ما دام المدافعون لم يبلغوا العدد المطلوب لمقابلة العدو الذي أصاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعدة إصابات اضطرته إلى الصلاة جالسا؟!
ولعلنا نعلم جميعا أن شخصا إذا كان في وسط الصراح ومعترك الحرب فلن ينجو من الموت على يد عدوه إلا بالفرار، أو الدفاع بالاشتراك عمليا في المعركة. والصديق إذا لم يكن قد فعل شيئا من هذين وقد نجا بلا ريب فمعنى هذا أن عدوا وقف أمام عدوه مكتف اليدين فلم يقتله خصمه، فهل أشفق المشركون على أبي بكر، ولم يشفقوا على محمد وعلي والزبير وأبي دجانة وسهل بن حنيف؟!
وليس لدي من تفسير معقول للموقف إلا أن يكون قد وقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكسب بذلك موقفا هو في طبيعته أبعد نقاط المعركة عن الخطر لاحتفاف العدد المخلص في ا لجهاد يومئذ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وليس هذا ببعيد لأننا عرفنا من ذوق الصديق أنه كان يحب أن يكون إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب لأن مركز النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو المركز المصون الذي تتوفر جميع القوى الإسلامية على حراسته والذب عنه.