بالمراعاة هو سلامة التجربة الإسلامية وأصالتها ونقاؤها. ثم لو أراد البعض أن يتأول - ولا مانع من التأويل - إلا أنه غير ملزم لنا فضلا عن كونه خلاف الواقع، ولنتذكر على سبيل المثال هنا قولة الخليفة الثاني بشأن خالد بن الوليد في قضية مالك بن نويرة، قال الخليفة عمر بن الخطاب لأبي بكر: (إن خالدا قتل امرءا مسلما ونزا على امرأته...) (*) على حد تعبير الطبري فتأول الخليفة الأول لخالد ذلك الفعل، إلا أن ذلك التأويل لم يحقق القناعة عند الخليفة عمر، وأضمرها في نفسه ثم تصرف لاحقا استنادا إلى (الواقعة)، نفسها فعزل خالدا حالما تسلم الحكم.
إذن نحن غير ملزمين بقبول كل تأويل على أن تأشير الخطأ، وتسجيل الوقائع، واستنطاقها لا شك أمر يجنبنا النتائج الوخيمة، وهو بالتالي يصب في صالح خدمة مسيرة الأمة الإسلامية وأصالة الإسلام.
وهذا ما كان يهدف إليه الأمام الشهيد من دراسته القيمة، وذلك هو الذي حفزنا إلى القيام بالتحقيق العلمي لهذه الدراسة، وقد ظهر لنا أن كل إشارة وردت، أو قول أو تحليل أو استنتاج، إنما يستند إلى منطق الأحدات، وإلى المصادر الموثوقة، والوقائع المشهورة، وسيرة القوم. وسوف يظهر للقارئ الكريم من خلال هذا (التحقيق) أنه ليس هناك مجازفة في قول، ولا تحامل في رأي، ولا استنتاج من غير دليل.
عملي في التحقيق:
ظهر كتاب (فدك في التاريخ) في طبعتين، أولا هما طبعة المطبعة الحيدرية في