المتثبط عنه يوم استنهضه عثمان حتى قتل، وعمرو بن العاصي القائل المبتهج بقتله بقوله: أنا أبو عبد الله قتلته وأنا بوادي السباع. وقوله: أنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة نكأتها. وقوله: أنا أبو عبد الله قد يضرط العير والمكواة في النار.
وكان يألب عليه حتى الراعي في غنمه في رأس الجبل (1) وهلا ساق معاوية ذلك الحشد اللهام إلى عائشة الرافعة عقيرتها بين جماهير الصحابة: اقتلوا نعثلا قتله الله فقد كفر. وأمثالها من الكلم القارصة (2) وإلى طلحة والزبير وكانا أشد الناس عليه، وطلحة هو الذي منع عنه الماء في حصاره، ومنع الناس عن تجهيزه، ومنعه أن يدفن إلا في حش كوكب جبانة اليهود. إلى فظايع مر تفصيلها في الجزء التاسع 92 - 111، وقال الشهرستاني في الملل والنحل ص 25: كان أمراء جنوده: معاوية عامل الشام، وسعد بن أبي وقاص عامل الكوفة، وبعده الوليد بن عقبة، وعبد الله بن عامر عامل البصرة، وعبد الله بن أبي سرح عامل مصر، وكلهم خذلوه ورفضوه حتى أتى قدره عليه.
نعم: هؤلاء قتلوه لكن معاوية لا يريد المقاصة إلا من أولياء علي عليه السلام فيستأصل شأفتهم تحت كل حجر ومدر، ويستسهل فيهم كل شقوة وقسوة، وليس له مع أضداد علي عليه السلام أي مقصد صحيح، وإلا فأي حرمة لدم أجمعت الصحابة على سفكه؟
واحتجت عليه بآي الذكر الحكيم كما مر تفصيله في الجزء التاسع ص 164 - 168، 205 لو لم يكن اتباع القوم بالصحابة والاحتجاج بما قالوا وعملوا واعتبارهم فيهم العدالة جميعا تسري مع الميول والشهوات، فيحتجون بدعوى إجماعهم على خلافة أبي بكر (ولم يكن هنالك إجماع) ولا يحتجون به في قتل عثمان (وقد ثبت فيه الإجماع).
وهب أن محمد بن أبي بكر هو قاتل عثمان الوحيد من دون أي حجة ولا مبرر له وهو المحكوم عليه بالقصاص، وفي القصاص حياة، فهل جاء في شريعة الاسلام قصاص