لا أحسب، ولعله يتخلص عنها بضئولة العقل المسقط للتكليف.
وأعجب من هذه كلها ما جاء به أبو نعيم في الحلية 1: 309 من قول ابن عمر:
إنما كان مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم كانوا يسيرون على جادة يعرفونها فبينما هم كذلك إذ غشيتهم سحابة وظلمة، فأخذ بعضهم يمينا وشمالا فأخطأ الطريق، وأقمنا حيث أدركنا ذلك حتى جلى الله ذلك عنا فأبصرنا طريقنا الأول فعرفنا وأخذنا فيه، إنها هؤلاء فتيان قريش يقتتلون على هذا السلطان وعلى هذه الدنيا، ما أبالي أن لا يكون لي ما يقتل (1) بعضهم بعضا بنعلي هاتين الجرداوين.
ليت شعري متى غشيت الأمة سحابة وظلمة فأقام الرجل حيث أدرك ذلك؟
أعلى العهد النبوي وهو أصفا أدوار الجو الديني؟ أم في دور الخلافة؟ وقد بايع الرجل شيخ تيم وأباه، وهما عنده خيرا خلق الله واحدا بعد واحد، فلا يرى فيه غشيان الظلمة أو قبول السحابة، واعطف على ذلك أيام عثمان فقد بايعه ولم يتسلل عنه حتى يوم مقتله كما مر في ص 23 من هذا الجزء، فلم تكن أيام عثمان عنده أيام ظلمة وسحابة وإن كان من ملقحي فتنتها بما ارتآه، فلم يبق إلا عهد الخلافة العلوية وملك معاوية بن أبي سفيان. أما معاوية فقد بايعه الرجل طوعا ورغبة وإن رآه رسول الله صلى الله عليه وآله ملكا عضوضا ولعن صاحبه. وبايع يزيد بن معاوية بعد ما أخذ مائة ألف من معاوية، فلم يبق دور ظلمة عنده إلا أيام خلافة خير البشر سيد الأمة مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام، وفيها أخذ بعضهم يمينا وشمالا فأخطأ الطريق، وكانت الأدوار مجلاة قبل ذلك و بعده أيام إمارة معاوية ويزيد وعبد الملك والحجاج، فقد أبصر الرجل طريقه المهيع الأول عند ذلك فعرفه وأخذ فيه وبايعهم.
وهل هنا من يسائل الرجل عن الذين أخطأوا الطريق ببيعتهم وانحيازهم؟ هل هم الذين بايعوا أمير المؤمنين عليه السلام؟ وهم الصحابة العدول والبدريون من المهاجرين والأنصار، والأمة الصالحة من التابعين من رجالات المدينة المشرفة وغيرها من الأمصار الإسلامية. أو الذين أكبوا على تلكم الأيدي العادية فبايعوها؟ من طغام الشام، سفلة الأعراب، وبقية الأحزاب، وأهل المطامع والشره. فيرى هل تحدوه القحة والصلف إلى